الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رهبة واحمرار الوجه عند الرغبة في الحديث.. ما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرًا على جهودكم المبذولة في هذا الموقع المبارك.

مشكلتي التي سأطرحها، وأتمنى أن أجد لها حلًا، هي أنني أعاني من قلق شديد ورهاب اجتماعي، ولا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي.

أعراض الرهاب ليست دائمة، خاصة إن كنت مع المقربين جدًّا، لكنني أعاني من احمرار وجهي لأتفه الأسباب عند الرغبة في الحديث، حتى مع المقربين، وهذه المشكلة أرقتني كثيرًا وسببت لي قلقًا دائمًا، لأني طالبة في الجامعة، وعدد الطالبات في القاعة كبير جدًا، ومنذ دخولي الجامعة لم أفكر يومًا في المشاركة خوفًا من احمرار وجهي، وكثيرًا ما أتغيب عن الجامعة إذا قررت الدكتورة أي نشاط جماعي.

ودائمًا في وقت المحاضرة لا أنتبه للشرح، لأنني أكون قلقة خشية أن تسألني أي سؤال. أنا أعاني من الاحمرار منذ سن الرابعة عشرة، وعمري الآن ثلاثة وعشرون عامًا ولم أتخلص منه.

أيضًا، مشكلتي الأخرى هي القلق الشديد الذي لا أجد له أسبابًا واضحة، فهو يأتيني حتى وإن كنت في المنزل وعند استيقاظي من النوم، وحتى في أيام العطل. وأنا بطبعي لست انطوائية وأحب الاجتماعات، لكن هذه المشكلة أثرت عليّ سلبًا.

استخدمت دواء (سيروكسات) قبل سنة ونصف؛ ولم يجد نفعًا وتركته بصعوبة، لأنني أدمنت عليه رغم عدم الانتظام في تناوله، الآن أفكر في علاج الإندرال لأنه يؤخذ عند الحاجة وينفع للقلب، ولأنني أعاني من الخفقان وأعراض مشابهة للذبحة الصدرية.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعانين من مجرد قلق أدى إلى نوع من الخوف والرهاب الاجتماعي، وما دفعك للتفكير في أنك تعانين من أعراض الذبحة الصدرية هو أمر غير صحيح، فالقلق، خاصة القلق الاجتماعي أو ما يعرف بالخوف الاجتماعي، يؤدي إلى أعراض جسدية.

هذه الأعراض تتمثل في تسارع ضربات القلب، وقد يشعر البعض أيضًا بشيء من الرعشة والرجفة أو التعرق، أو الشعور بالتلعثم. وهذه الأعراض تحدث لبعض الناس بصورة مبسطة، ولكنهم، مع الأسف، يرونها بتضخم شديد وإزعاج شديد، مما يؤدي إلى مزيد من القلق.

لا علاقة لحالتك أبدًا بأعراض الذبحة الصدرية، فأنت لست في عمر الإصابة بأمراض القلب. وسرعة تدفق الدم الناتج عن خفقان القلب هي التي تؤدي إلى احمرار وجهك، وليس أكثر من ذلك، فالأمر بسيط جدًا، في غاية البساطة: هناك قلق، وهناك خوف اجتماعي، وفي حالتك أعتبره بسيطًا.

وهذا القلق وهذا الخوف الاجتماعي يؤدي إلى أعراض فسيولوجية، وأهم هذه الأعراض الفسيولوجية هو سرعة خفقان القلب وزيادة ضرباته، وهذا يؤدي إلى تدفق زائد في الدم، وليس أكثر من ذلك.

إذًا أريدك أن تصححي مفاهيمك بصورة صحيحة.

وأستغرب أيضًا أن دواء (سيروكسات، Seroxat) لم يساعدك، فهذا الدواء من أفضل الأدوية لعلاج القلق الاجتماعي، إلا أنه ربما يعود ذلك إلى عدم انتظامك في تناوله، أو ربما لم يتوافق معك بسبب ما نسميه بالبنية الوراثية، والتي تؤثر على استجابة الأدوية.

وعمومًا، أعتقد أن العلاج الدوائي في حالتك ضروري، وأنصحكِ باستخدام دواء يعرف تجاريًا باسم (زولوفت Zoloft)، ويسمى تجاريًا أيضًا باسم (لوسترال Lustral)، ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline).

هذا دواء فعال، أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجرامًا) ليلًا بعد الأكل، والاستمرار عليه لمدة أسبوعين، ثم رفع الجرعة إلى حبة كاملة - أي خمسين مليغرامًا - والاستمرار عليها لمدة تسعة أشهر، ثم تخفيضها إلى نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجرامًا - لمدة أسبوعين، ثم تناول خمسة وعشرين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم التوقف عن تناول الدواء.

الزولوفت دواء مفيد جدًا، والجرعة التي وصفتها لكِ صغيرة، حيث بدأنا بنصف حبة ثم انتقلنا إلى حبة، والجرعة الكاملة في بعض الحالات تصل إلى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست بحاجة إلى هذه الجرعة.

الدواء الآخر يعرف تجاريًا باسم (إندرال Inderal)، ويعرف علميًا باسم (بروبرانولول Propranolol)، أنصحكِ بتناوله؛ لأنه سيقلل من الخفقان، ويقلل كثيرًا من احمرار وجهك، تناوليه بجرعة عشرة مليغرامات صباحًا ومساءً لمدة خمسة أشهر، ثم عشرة مليجرامات في الصباح فقط لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله، إذًا، الزولوفت هو الدواء الأساسي، والإندرال هو الدواء المساعد.

أنصحكِ أيضًا بالآتي:
- الإكثار من التواصل الاجتماعي، خاصة أنكِ اجتماعية.
- قللي من شأن هذه الأعراض.
- لا بد أن تشاركي في الجامعة، شاركي في المحاضرات، شاركي مع زميلاتك.
- انضمي إلى الأنشطة الاجتماعية والثقافية والأعمال الخيرية.
- اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، وهناك سوف تتفاعلين اجتماعيًا مع الطيبات والخيرات والفاضلات،

هذا كله يساعدكِ كثيرًا -أيتها الفاضلة الكريمة- ويزيل هذا الخوف وهذا والرهاب.

إذًا، مشكلتك بسيطة، فقط واجهي مصادر الخوف، قللي من شأن فكرة الخوف، وتناولي الدواء بالصورة التي وصفتها لكِ.

أسأل الله لكِ العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً