الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف وقلق مع تشاؤم في حياتي..كيف أتخلص من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد مرور أسبوعين تقريبًا على وفاة عمي -رحمه الله- كنت نائمةً، وفجأةً صحوت من نومي على صداع في الرأس، وآلام في الرقبة، ففزعت، وبدأت الوساوس تطاردني، ومن يومها أصبت بحالة اكتئاب، وقلق، وخوف من الموت، وأصبحت أخاف من كل شيء.

لقد مر على هذا الموضوع 6 أشهر، تحسن فيها حالي، ولكن منذ شهرين عاد لي الخوف والقلق، وأصبحت متشائمةً كثيرًا، لا أرى جمالاً في أي شيء في هذا الوجود، ولم يعد أي شيء يفرحني، وبعدها بدأت أشعر بتعب، وغثيان، وقيء، وعند الفحص تبين أن عندي قرحة في المعدة، وبدأت في أخذ العلاج، ومن ضمن الأدوية التي وصفها الدكتور: دواء (Meresa 50)، عندما أخبرته بأني أقلق كثيرًا، ولكنه وصف لي الدواء لمدة أسبوع، أي نفس المدة التي أتناول فيها مضادات القرحة، والآن توقفت عن هذا الدواء، ولكني معظم الوقت خائفة، وأرى كوابيسَ، وأنام بشكل متقطع، وأعاني من خفقان في القلب، وينتابني في اليوم أكثر من مرة، وقد أجريت تخطيطًا للقلب، وكانت النتائج سليمةً، وكل ألم أشعر به أبحث في النت عنه، مما سبب لي زيادة المخاوف والقلق، وبدأت تطاردني الأفكار.

ملاحظةً: كنت أخاف من الموت منذ 12 سنةً تقريبًا؛ والسبب: في حصة الدين كانت المدرسة قد أخبرتنا عن قصة سوء خاتمة لفتاة، وكانت تذكرها بطريقة مروعة، ومن يومها عندما عدت إلى البيت صحوت في تلك الليلة أرتعش وأتعرق، وكنت خائفة كثيرًا، وهذه الحالة أصبحت تتردد علي بين فترة وأخرى، وبصورة متقطعة، أما الآن فقد أصبحت الحالة أقوى، وتمنعني من العيش بشكل طبيعي.

وعلى الرغم من أني أحلم كثيرًا عندما أنام، وفي داخلي أعلم بأنها من تفكيري، وقلقي النفسي، إلا أني عندما أحلم أبحث في النت عن المعنى، ومن ثم يزداد قلقي.

ومن ضمن تفسيرات الأحلام التي ظلت عالقةً في ذهني، بأن الشخص إذا رأى أنه يأكل طعامًا، وكان هذا الطعام لونه أصفر، فهذا يعني أنه يمرض!

أرجوكم أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك بسيطة، وهي مثال لحالات ما نسميه بقلق المخاوف، ومن الواضح جدًا أن لديك استعدادًا للقلق؛ فهذه الأعراض بدأت لديك بعد أن تُوفي عمك -رحمه الله-، وأنت لديك تجارب سابقة، مثل قصة الفتاة التي ذكرتها المعلمة بصورة مروعة، والتي أدت أيضًا إلى استشعارك الزائد بالخوف والقلق، وربما نوبة من الهرع، وبعد ذلك تأثرك بتفسير الأحلام، وهذا كله دليل قاطع على أن البناء النفسي والغريزي لك، يميل إلى وجود قلق ومخاوف.

أريدك أن تحولي هذا القلق إلى قلق إيجابي؛ وذلك بأن تفكري معرفيًا، أي داخليًا في وجدانك وخيالك، وتقولي: (لماذا أقلق؟ لماذا أحزن؟ أنا -الحمد لله- في ريعان شبابي، لماذا لا أوجه طاقاتي هذه نحو ما هو أفضل: كتركيزي على دراستي، وأبحاثي، وزيادة معرفتي، وأن أتواصل اجتماعيًا؟

بناء هذه الصورة الإيجابية عن الذات، يساعد الإنسان كثيرًا في زوال مثل هذه الأعراض، وأنا أيضًا أنصحك بالطبع بتحقير هذه الأعراض، وتجاهلها؛ لأن هذا من صميم علاج هذه الحالات.

هناك أيضًا إجراءات سلوكية أخرى تساعد في مثل حالتك، منها: ممارسة الرياضة -أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة-، وكذلك ممارسة تمارين الاسترخاء، وهي متعددة وكثيرة، وأفضلها ما يسمى بتمارين التنفس التدرجي، وتمارين القبض والشد، واسترخاء العضلات التدرجي، وهذه يمكنك أن تتدربي عليها بواسطة أخصائية نفسية، أو بمجرد الحصول على شريط، أو كتيب، أو قرص مدمج من أحد المكتبات، يمكنك أن تتبعي التعليمات الواردة، وتطبقيها بصورة منضبطة، وهذا سوف يساعدك كثيرًا.

بالنسبة لأعراض القرحة التي أتتك، أقول لك: حتى القرحة لدى بعض الناس يكون القلق هو السبب فيها، فإذًا الاسترخاء العام سوف يساعدك كثيرًا -بإذن الله تعالى- في زوال هذه الأعراض.

الدواء الذي وُصف لك لفترة قصيرة وهو الـ(Meresa) هذا الدواء جيد لعلاج القلق، ولكن يعاب عليه أنه قد يؤثر على هرمون الحليب لدى الفتيات، والذي يسمى بالبرولاكتين، والذي يتحكم في الدورة الشهرية، وعمومًا أنت لم تتناوليه لفترة طويلة، وقد قمت الآن بالتوقف عنه -كما فهمت من رسالتك-.

هناك أدوية ممتازة وفعالة لعلاج قلق المخاوف، وأنا شخصيًا أفضل دواءً يعرف تجاريًا باسم: (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميًا باسم: (استالوبرام Escitalopram)، وذلك نسبةً لفعاليته الشديدة، ولسلامته العالية، وأنه لا يسبب الإدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية لدى البنات، وعليه يمكنك الحصول على هذا الدواء (سبرالكس)، وأن تبدئي في تناوله بجرعة خمسة مليجرام، وهناك حبة تحتوي على عشرة مليجرام، وأخرى تحتوي على عشرين مليجرامًا، فاحصلي على الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، وهذه سوف تكون كافيةً بالنسبة لك.

أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف حبة (خمسة مليجرام) يوميًا، ويفضل تناولها بعد الأكل، استمري عليها لمدة عشرة أيام، ثم ارفعيها إلى حبة كاملة -أي عشرة مليجرام- واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها بعد ذلك إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم إلى خمسة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، وبعد ذلك توقفي عن تناول السبرالكس.

بجانب السبرالكس هنالك دواء مساعد سوف يفيدك كثيرًا أيضًا، هذا الدواء يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علميًا باسم: (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أنت في حاجة إليه إلى جرعة صغيرة جدًا، وهي نصف مليجرام -أي حبة واحدة- يوميًا في الصباح، لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعدها يمكنك أن تتوقفي عن الدواء.

أيتها الفاضلة الكريمة: كوني إيجابيةً في تفكيرك، وفي دراستك، ولا تشغلي نفسك بهذه الأحلام؛ فهي من الشيطان، والرؤيا من الرحمن، ولا تقلقي أبدًا؛ فإن حالتك بسيطةً، وباتباعك لما ذكرناه لك سيتم شفاؤك بصورة تامة -بإذن الله-.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يعافيك، وأن يجعلك من الناجحات، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً