الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في صراع مع الشيطان بسبب وسواس الإخلاص، فهل من حل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجوكم اقتراح دواء بديل للـ (بروزاك) الذي ذكرتموه، حيث أفادني الصيدلي بعدم توفره لديهم، وضرورة وجود وصفة طبية لصرفه، وعندما أوضحت أني لا أملك وصفة وأنني أعرف اسمه فقط، تبيَّن أن سعره يقارب (290) درهمًا، لذا أرجو وصف دواء آخر يحقق نفس الغرض والفعالية.

ولي سؤال: على الرغم من اتخاذي قرار العلاج، إلَّا أن حالتي تتدهور يومًا بعد يوم، وأشعر بتعب وإرهاق يفوق ما يشعر به أقراني، وفي سعيي للعمل الصالح ابتغاء مرضاة الله، أجدني دائمًا أقع فريسة لإغواء الشيطان، وأفشل في مقاومته حتى في الأمور التي أحفظها جيدًا، حتى أذكاري، أقولها بجهد ومشقة لأجل الله، ورغبتي صادقة في إخلاص عملي وقولي وقلبي له، لكنني أعجز عن ذلك.

غاية الشيطان هي أن أسعى لرضا الناس ومحبتهم، وأن يكون عملي موجهاً إليهم لا إلى الله، ولكني أجاهد نفسي في محاولة إخلاص النية، وقد أرهقني هذا الصراع، رغم كتماني الأمر عن أبي وأمي وثقتي بأن شفائي من عند الله وحده، حتى قراءة صفحة واحدة من القرآن تستغرق مني عشر دقائق، وأجد صعوبة في نطق الكلمات حرصًا على أن يكون ذلك خالصًا لوجهه الكريم، لكن الشيطان يفسد عليّ نيتي.

كل مرة وأنا أحاول أن أجعل نيتي من أجل الله، وحتى أثناء الصلاة، كل حركة وكل كلمة، كيف أجعل أعمالي خالصة لله؟ تعبت يا دكتور، أرجو منك أن تساعدني.

أعرف أني أثقلت عليكم كثيرًا، لكن اعذروني، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أَود أن أؤكد وأكرر ما ذكرته لك في الإجابة السابقة، وهو أن الوساوس القهرية يمكن التغلب عليها، وإن اتباعك للإرشادات السابقة سيكون أمرًا ضروريًا ومهمًا، إلى جانب تناولك للدواء.

كما أود أن أنبّهك إلى ضرورة عدم المبالغة في ربط حالتك بتأثير الشيطان؛ نحن لا ننكر دوره وتأثيره في الوسوسة، لكن الانشغال المفرط بهذه الفكرة، والاعتقاد بأن كل ما يحدث يُدبّره الشيطان، قد يصرفك عن التركيز على الأسباب النفسية والعلاجية الحقيقية، ويعوق تقدمك نحو التعافي.

أخي الكريم، لقد كرّم الله الإنسان ورفعه فوق الشيطان، والمؤمن الذي يوقن أنه في حرز الله وحفظه، لا يجد الشيطان إليه سبيلاً، لذا أرجو منك أن تنزع هذه الفكرة من ذهنك تمامًا، وأن تطبّق العلاجات السلوكية، وتحقر هذا التفكير السلبي الذي عزوته إلى الشيطان، هذه ملاحظة مهمة وضرورية جدًا.

أنت الأقوى، وأنت الأكرم، وأنت في حفظ الله، فلن يكون للشيطان عليك سلطان أبدًا، كما قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل: 99-100].

أما فيما يتعلق بالعلاج الدوائي، فالالتزام به أمر مهم، لأنه يساعدك أيضًا في تطبيق التعليمات السلوكية، ويمنحك شعورًا بالاسترخاء.

الأدوية المضادة للوساوس متوفرة بكثرة حاليًا، كما ذكرت لك سابقًا، هنالك "بروزاك، Prozac"، و"سيبرالكس، Cipralex"، و"زولفت، Zoloft"، و"فافرين، Faverin"، وجميعها أدوية فعالة ومفيدة جدًا، وإن تعذر الحصول عليها من الصيدلية مباشرة، فيمكنك مراجعة الطبيب، فحالَتك واضحة، وسيصف لك الدواء المناسب وبسعر معقول بإذن الله.

وإذا رغبت في تجربة دواء بديل يُصرف من الصيدلية، فيمكنك استخدام (فافرين، Faverin)، ويُعرف علميًا بـ (فلوفوكسامين، Fluvoxamine).

ابدأ بجرعة 50 ملغ ليلًا (ويُفضل بعد الأكل) لمدة أسبوعين، ثم ارفعها إلى 100 ملغ يوميًا، وبعد شهر زد الجرعة إلى 200 ملغ يوميًا، ثم إلى 300 ملغ بعد شهرين (100 صباحًا + 200 ليلًا)، واستمر على هذه الجرعة لمدة 6 أشهر، وأنا على قناعة تامة بأن الوساوس ستُقهر بإذن الله، وبعد انقضاء الستة أشهر، خفّض الجرعة إلى 200 ملغ يوميًا لمدة 6 أشهر، ثم إلى 100 ملغ لمدة 6 أشهر أخرى، وبعدها إلى 50 ملغ يوميًا لمدة شهر، ثم توقف عن الدواء.

هذا الدواء فعّال جدًّا، وسعره غالبًا في المتناول.

وأؤكد لك أن الأمل في الشفاء موجود -بإذن الله- فقط عليك اتخاذ الخطوات العملية في مقاومة الوساوس، وتحقيرها، واستبدالها بأفكار وأفعال إيجابية، إلى جانب الالتزام بالعلاج الموصوف، ولا تسمح لنفسك باتخاذ فكرة تدخل الشيطان كذريعة لليأس أو التراجع.

ختامًا، نشكرك على ثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله لك الشفاء العاجل والتوفيق، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً